شهدت السنوات القليلة الماضية انتشارا واسعاً لظاهرة “المولات” أو المراكز التجارية الضخمة، التي يعتبرها البعض ظاهرة حضارية تنعش الاقتصاد اللبناني كونها من المشاريع التي تدر أرباحا عالية لما تقدمه من خدمات ومحلات تجارية يطلبها الزبون كما انها تمثل خطوة نحو التقدم والتطور وجزءاً من الانفتاح على العالم، والبعض الآخر يراها ظاهرة تستنزف جيوب المواطنين وتنافس الاسواق والمحلات التجارية الصغيرة كونها تجذب زبائنها اليها، فيما يتفق اخرون على ان المولات لن تتغلب على الاسواق التقليدية وذلك لارتفاع اسعارها وبيعها سلعاً تقتصر على طبقة ذات دخل عال.
ويضمُّ لبنان حالياً أكثر من 14 مجمّعاً تجارياً، تتخطى المساحة القابلة للتأجير فيها الـ 416 ألف متر مربع، في حين أنَّ هناك عدداً كبيراً من المشاريع الجديدة التي لا تزال قيد الانشاء، مع مساحة قابلة للتأجير تصل إلى نحو 605 آلاف متر مربع، بما سيرفع العدد الإجمالي للمراكز التجارية إلى الضعف تقريبا، وهذا يضع المحال التجارية الصغيرة الموجودة في المدن أمام خيارين، الصمود او الإندثار.
لذلك قررت مجموعة من الجمعيات اللبنانية “NGO’S”، إطلاق مبادرة “روح بيروت – Rou7 Beirut”، التي تسعى إلى المحافظة على متعة التسوّق في شوارع بيروت، وتشجيع المحال التجارية الصغيرة، والمحافظة عليها، خاصة أنها تشكل تاريخ وتراث وروح بيروت الحقيقية، كما أنها تساهم في إعالة آلالف العائلات اللبنانية المتوسطة والفقيرة.
وللحديث أكثر عن هذه المبادرة وأهدافها، كان لـ “الإقتصاد” لقاء خاص مع الرئيس التنفيذي لشركة “Middle East Web Solutions”، وأحد المساهمين في إطلاق هذه المبادرة، روني نصّور.
أخبرنا قليلا عن مبادرة “روح بيروت – Rou7 Beirut” ؟ وما هي طبيعة عملكم ؟
“روح بيروت – Rou7 Beirut” هي مبادرة تهدف إلى المحافظة على متعة التسوّق في شوارع بيروت، وتشجيع المحال التجارية الصغيرة التي عانت كثيرا في السنوات الأخيرة بسبب إنتشار المراكز التجارية الكبيرة و”hypermarkets” وغيرها.
كما تسعى المبادرة للمحافظة على هذه المحال التجارية الصغير، ومساعدتها على مواكبة التطور الحاصل وخاصة على مستوى الـ “Social Media”، وذلك لتفادي الوصول إلى مرحلة تضطر فيها هذه المحال إلى الإقفال … فبدون تلك المحال الصغيرة والقديمة والتراثية، ستصبح بيروت بلا روح .
بدأنا العمل من خلال هذه المبادرة عبر إطلاق هاشتاغ “#إشتري_حدّ_البيت”، وذلك لتشجيع الناس على شراء حاجاتهم من المحال التجارية الموجودة في الحي أو الشارع الذي يقطنونه، فكل ما على الناس فعله هو الذهاب إلى أي محل تجاري قريب وشراء حاجاته منه، ومن ثم إلتقاط صورة له داخل المحل وتحميل الصورة على صفحة “روح بيروت” في “فيسبوك” أو “إنستغرام” مع هاشتاغ “#إشتريت_حدّ_البيت”. وبهذه الطريقة ندعم هذه المحال ونساهم في تشجيع الناس على تحريك الأسواق.
من جهة أخرى تنظم “روح بيروت” دورات تدريبية لأصحاب المحال لتطوير وتحسين واجهاتُ محالهم، وللتسويق لأنفسهم عبر إنشاء صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي وإدارتها بشكل صحيح.
من كان صاحب مبادرة إطلاق مبادرة “روح بيروت – Rou7 Beirut”؟
المبادرة بدأت من خلال عدة أفكار إقترحتها جمعيات لبنانية “NGO’S”، وتعاونت فيما بينها لإطلاق “روح بيروت – Rou7 Beirut”، وهذه الشركات هي “MEWS Web Solutions”، “Zaranbaqi”، “Chreek”، “3ish Beirut”، “Achrafieh Starts”، “Logos”، “Beirut Cycle”، “Money” و “Beiruting”.
والفكرة نبعت من حاجة فعلية كما ذكرت سابقاً، فشوارع بيروت التاريخية والقديمة تحتوي على العديد من المحال التجارية والحرفية المهمة، والتي تعاني اليوم من تراجع الحركة بسبب الأوضاع الإقتصادية السيئة وإنتشار الشركات الكبيرة والمراكز التجارية الضخمة .. لذلك قررنا المضي بهذه المبادرة وتقديم المساعدة كلٌّ حسب إختصاصه أو مجال عمله، من أجل المحافظة على هذه المحال التي تشكّل روح بيروت الحقيقية.
متى إنطلقت المبادرة ؟ وما هي الصعوبات التي تواجهونها؟
المبادرة إنطلقت منذ شهرين ونصف تقريباً، ولا شك أن مهمتنا ليست سهلة، خاصة أننا نحاول النهوض بمحال تجارية تعاني منذ سنوات، وبالتالي هذه المبادرة طويلة المدى وتحتاج إلى بعض الوقت لتظهر نتائجها الفعلية.
هناك العديد من الصعوبات التي تواجهنا خاصة فيما يتعلق بموضوع الـ “Social Media”، فأصحاب هذه المحال بمعظمهم غير ملمّين بمواقع التواصل الإجتماعي، ولكن هناك خطة عمل تم وضعها، ونسير من خلالها رويداً رويداً نحو تحقيق أهدافنا.
هل تنحصر مبادرتكم فقط في بيروت ؟
المرحلة الأولى من المبادرة تركّز على العاصمة بيروت، فنحن نعمل على مساندة ومساعدة كافة المحال التجارية في كل مناطق بيروت، وبعد ذلك لدينا خطط للإنتقال إلى مدن ومناطق لبنانية أخرى.